نشأت الحركة الصهيونية سنة 1880م، ومنذ سنة 1890ستبرز ثلاث اتجاهات أساسية في الحركة الصهيونية:
- تيار الاشتراكية الصهيونية، المجسدة في مختلف الأحزاب ذات التوجه الاشتراكي؛
- التيار الديني الصهيوني، الذي كان يمثله حزب الصهيوني مزراحي؛
- التيار اليميني الليبرالي، الذي يمثل غالبية الصهاينة، وهذا التيار لن يتبلور كإطار سياسي إلى مع سنة 1920 تحت إشراف "حاييم ويزمان" الموالي للبريطانيين.
باعتبار الحركة الصهيونية حركة عنصرية استعمارية، ترعرعت ونشأت في أحضان أكبر القوى الاستعمارية في بداية القرن العشرين ( الإمبراطورية البريطانية )، فإنها ستعتمد نفس وسائلها المتجسدة في العمل العسكري المبني على الإرهاب.
1920تاريخ مفصلي في حياة فلسطين العربية
إذا كانت سنة 1917م عرفت صدور وعد بلفور الداعي لإقامة " وطن قومي لليهود " الصادر عن وزير خارجية المملكة المتحدة، الصهيوني " جيمس آرثر بلفور" ، الذي أطلق عليه في الأدبيات العربية ب " وعد من لا يملك لمن لا يستحق "، وقد كانت تلك أول خطو يقطعها الغرب الامبريالي من أجل إقامة الكيان الصهيوني على الأرض العربية، كاستراتيجية لمنع أي عمل وحدوي يجمع عقد العرب المنفرط جراء تفكك الإمبراطورية العثمانية على إثر انهزامها في الحرب العالمية الأولى.
غير أن سنة 1920 ستعرف البداية العملية لتنفيذ وعد " بلفور "، عند اجتماع الدول الغربية الاستعمارية المنتصرة في الحرب العالمية الأولى في مؤتمر " سان ريمو" حيث ستقرر إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، و تم وضع الآليات الكفيلة بتطبيق ذلك، وكان أولها جعل فلسطين العربية تحت الانتداب البريطاني، الأمر الذي منح للصهيونية العالمية فرصة هائلة كي تحقق أهدافها. وقد اتخذت الحركة الصهيونية لأجل ذلك مجموعة من الوسائل الإرهابية العنيفة المتوخى منها فرض الوجود اليهودي على الأرض العربية بالقوة والنار، لأجل إخلاء أرض فلسطين من ساكنيها، عبر ترويعهم وقتلهم بشتى الوسائل تحت شعار ( أرض بلا شعب لشعب بلا أرض).
بداية العمل الإرهابي الصهيوني على أرض فلسطين
في عام1920م ،سيقوم مجموعة من اليهود المتشددين في القدس بإنشاء منظمة أطلقوا عليها اسم " الهاغانا "، على إثر بداية تحرك القوى العربية الفلسطينية الرافضة للتواجد البريطاني والصهيوني على أرض فلسطين، وقد لعب الصهيوني الإرهابي " فلاديميرجابوتينسكي " دورا مهما في تأسيس " الهاغانا " التي ستنبثق عنها منظمة " الإركون " التي ستكون ضالعة في أعنف الأعمال الإرهابية التي ستعرفها أرض فلسطين منذ نهاية عقد الثلاثينيات من القرن الماضي قبيل اندلاع الحرب العالمية الثانية وبعدها.
مباشرة بعض تأسيس منظمة " الهاغانا" ستشرع في ممارسة أنشطتها داخل ارض فلسطين عبر تسيير الدوريات، وتنظيم المتطوعين الصهاينة، وتسليحهم وتدريبهم لأجل حماية المستوطنات اليهودية تحت إشراف سلطات الانتداب البريطاني، وستكون منظمة "الهاغانا" مسئولة عن العديد من العمليات الإرهابية ضد أهل فلسطين.
منظمة " الاركون " وإشاعة الإرهاب على الطريقة الصهيونية في ارض فلسطين
في سنة 1931 وبعد دخول منظمة " الهاغانا " تحت وصاية الوكالة اليهودية بفلسطين، ستخرج إلى الوجود ومن رحم " الهاغانا " منظمة صهيونية أخرى تم تأسيسها على يد صهيوني متطرف يدعى " أفراهام تيهومي " برفقة 19 من الضباط اليهود السابقين الذين كانوا في جيش " الاتحاد السوفياتي "، هذه المنظمة ستدعى " اركون " أي" المنظمة العسكرية القومية" التي عرفت اختصارا باسم ( IZL). حيث سنوات قليلة بعد ذلك ستنفذ مجموعة من العمليات الإرهابية ضد المدنيين الفلسطينيين، خاصة بعد الثورة العربية الكبرى سنة 1936، هنا سيبرز وبشكل لافت دور الصهيوني " فلاديمير جابوتينسكي " الذي أعطى أوامره للعصابات الصهيونية تحت إشراف " اركون " بالضرب بقوة كل الاهداف المتاحة، وذلك بعد إعدام احد نشطائها على يد السلطات البريطانية لضلوعه في أنشطة إرهابية راح ضحيتها جنود بريطانيين.
قائمة بالعمليات الارهابية لمنظمة " الاركون " الصهيونية
لقد أودت تفجيرات وعمليات منظمة " أركون " الصهيونية في ظرف وجيز بحياة أكثر من 250 شخص على ارض فلسطين بما في ذلك جنودا بريطانيين. وفيما يلي لائحة بأبرز الأعمال الإرهابية الصهيونية على ارض فلسطين وهي مأخوذة من كتاب ( ليونارد وانبرغ، المعنون ب: الحركات الشمولية السياسية والدينية، المجلد 4 ، ص 91-118 ، طبعة 2003 (
20 ابريل 1936 مقتل اثنين من المزارعين العرب العاملين في حقول الموز؛
مارس 1937 مقتل اثنين من العرب في بيت لحم؛
14نونبر،1937مقتل 6 من العرب في إطلاق نار بمدينة القدس؛
12 ابريل 1938، مقتل عربيين وشرطيين بريطانيين بواسطة قنبلة وضعت في قطار بمدينة حيفا؛
17ابريل 1938 مقتل عربي عبر تفجير قنبلة بمقهى في مدينة حيفا؛
17 ماي 1938 مقتل شرطي عربي عبر تفجير قنبلة بحافلة للركاب بالحي اليهودي من مدينة القدس؛
24 ماي 1938 مقتل ثلاثة من العرب عبر إطلاق النار بمدينة حيفا؛
23يونيو 1938 مقتل اثنين من العرب قرب تل أبيب؛
26يونيو 1938 مقتل 7 من العرب في تفجير قنبلة بمدينة يافا ؛
27يونيو 1938 مقتل عربي بمشفى للنساء الحوامل بمدينة حيفا؛
5يوليوز 1938؛ 7 من العرب قتلوا في عدد من حوادث إطلاق النار في تل أبيب؛
وفي نفس اليوم : 3 من العرب قتلوا في انفجار قنبلة في حافلة في مدينة القدس؛
وفي نفس اليوم : مقتل عربي في هجوم آخر في القدس؛
6 يوليو 1938: مقتل 18 من العرب، و 5 من اليهود بتفجير قنبلتين في وقت واحد في السوق العربية بمدينة حيفا؛
8يوليو 1938 : 4 عرب قتلوا في انفجار قنبلة في القدس؛
16 يوليو 1938 : 10 من العرب قتلوا في انفجار قنبلة في احد أسواق القدس؛
25 يوليو 1938 : مقتل ما بين 39 إلى 70 وفقا لمصادر عربية في انفجار قنبلة في سوق في مدينة حيفا.
26 أغسطس 1938 : مقتل 24 عربي في انفجار قنبلة في سوق في يافا.
27 فبراير 1939 : 33 من العرب قتلوا في عدة هجمات بينهم 24 في انفجار قنبلة في سوق حيفا في سوق الحي، و 4 في سوق الخضار في القدس العربية.
29 مايو 1939 : 5 من العرب قتلوا في انفجار لغم في سينما " ريكس" بمدينة القدس، وفي اليوم نفسه ، 5 من العرب قتلوا خلال غارة على قرية" بيارعدس".
يونيو 1939 : 5 من العرب قتلوا في انفجار قنبلة على بوابة يافا بمدينة القدس؛
12 يونيو 1939 : انفجار قنبلة في مكتب للبريد في القدس ، مما أسفر عن مقتل بريطاني عندما حاول نزع فتيل القنبلة.
16يونيو 1939 : 6 من العرب قتلوا في عدة هجمات بمدينة القدس.
19 يونيو 1939 : 20 من العرب قتلوا على إثروضع متفجرات على حمار في سوق بمدينة حيفا.
29 يونيو 1939 : مقتل 13 عربيا في عدد من عمليات اطلاق النار التي استمرت قرابة الساعة.
30 يونيو 1939 : مقتل عربي في سوق بمدينة القدس.وفي نفس اليوم ، تم قتل اثنين من العرب في إطلاق رصاص.
3 يوليو 1939 : مقتل عربي في انفجار قنبلة وضعت في سوق بمدينة حيفا.
4 يوليو 1939 : اثنين من العرب لقوا مصرعهم في هجومين في مدينة القدس.
20 يوليو 1939 : مقتل عربي في هجوم على قطار في مدينة يافا، وفي نفس اليوم مقتل 6 من العرب في عدة هجمات في تل أبيب، وفي اليوم نفسه، ثم قتل 3 من العرب في" رحوفوت".
خلال فترة الحرب العالمية الثانية ستتوقف تلك العمليات الإرهابية الصهيونية التي سرعان ما سيتم استئنافها بعد ان تضع الحرب العالمية أوزارها، إذ في سنة 1945 ستقوم كل من منظمة " الهاغانا " و " إركون " و " لوحي " بتشكيل ما سمي ب " حركة الثورة العبرية " ( Muvement de la revlte hébrîque ) ستسهر على تسييرها لجنة سمية ب ( Cmité X )، تحت مراقبة منظمة " الهاغانا " الخاضعة لإشراف الوكالة اليهودية بأرض فلسطين. وعليه ستستأنف المنظمات الصهيونية أنشطتها الإرهابية، حيث ستجند منظمة " الهاغانا" لهذا الغرض آلاف المتطوعين اليهود، كان أبرزهم ما سمي حينها بقوات النخبة " Palmach " التي ضمت حوالي 2000 عنصر، وستشهد أرض فلسطين حينها مئات العمليات الإرهابية، والاغتيالات والتفجيرات وسط السكان المدنيين، وكانت أبرز تلك العمليات، عملية " فندق الملك داود "، ومجزرة " دير ياسين "، وهما من إنجاز منظمتي " الهاغانا "و " الاركون".
عملية " فندق الملك داود " 24 يوليوز سنة 1946م.
ستتفق كل من منظمة " الهاغانا " و " إركون " و " لوحي " على تنفيذ عملية إرهابية مشتركة يستهدفون من خلالها تفجير فندق " الملك داود " الذي يضم مقر" سكرتارية حكومة سلطة الانتداب البريطانية " ، وقد تم التخطيط له من قبل لجنة ( Cmité X ) السالفة الذكر، وقد كانت العملية من القوة حيث أسفرت عن مقتل 86 شخص( 41 عربي و28 بريطاني و 17 من اليهود ).
قرار تقسيم فلسطين 30 نونبر 1947 وتصاعد العمليات الارهابية
وغداة صدور قرار تقسيم فلسطين إلى دولتين، عربية ويهودية، وبعد سلسلة عمليات قام بها الفدائيون الفلسطينيون ضد القرار، وضد التواجد الصهيوني على أرض فلسطين، ستقوم منظمة " اركون " وبتأييد من الوكالة اليهودية بسلسلة من العمليات الإرهابية كان أبرزها في 27 دجنبر 1948، حيث تم إلقاء قنبلة على مجموعة من العمال الفلسطينيين بمدينة حيفا مما أسفر عن مقتل 6 أشخاص، ثم في 7 يناير 1948 سيقوم أربع عناصر من منظمة " إركون " بإلقاء قنبلة على حشد من المواطنين الفلسطينيين مما نتج عنه مقتل 17 شخصا.
بعد هذا ستقوم منظمة " الهاغانا " بمجموعة من العمليات الإرهابية استهدفت من خلالها السكان المدنيين بهدف تهجيرهم من المناطق التي قضى قرار التقسيم بأن تكون تحت سلطة العصابات الصهيونية، وفي هذا الإطار ستأتي ما عرف تاريخيا ب " مذبحة دير ياسين ".
9 أبريل سنة 1948م ، مذبحة " دير ياسين "
ستتوج المنظمات الإرهابية الصهيونية أنشطتها في 9 أبريل من سنة 1948 بمجزرة رهيبة سترتكبها ضد المدنيين العزل من أهل فلسطين، حيث سيهاجم عناصر من كل من " الهاغانا " و " إركون " و "لوحي " قرية "دير ياسين " وستعمل على قتل حوالي 250 فلسطيني ، وكان الهدف من ذلك بث الرعب ونشر الفزع بين السكان الفلسطينيين من أجل إجبارهم على أخلاء مدنهم وقراهم لصالح التواجد الصهيوني .
من إرهاب المنظمات الصهيونية إلى إرهاب الدولة الصهيونية
إن المنظمات الصهيونية الإرهابية سوف لن توقف عمليات القتل والفتك بأهل فلسطين لأجل الحصول على مزيد من الأراضي الفلسطينية، بل سوف تصاعد عملياتها أكثر فأكثر، لكن هذه المرة في إطار ما يسمى ب " إرهاب الدولة الصهيونية " بعد الإعلان عن قيام دولة "الكيان الصهيوني" في 14 ماي 1948، وعليه سوف يتم إدماج عناصر المنظمات الصهيونية الإرهابية الأنفة الذكر ضمن ما سيطلق عليه ب " جيش الدفاع الإسرائيلي "، الذي أعلن عن تأسيسه في 26 ماي 1948، حيث ستشكل عصابات " الهاغانا " و" إركون" و" لوحي " العمود الفقري لجيش الكيان الصهيوني الذي سيقوم بكثير من المجازر في حق الشعب الفلسطيني أمام عجز وضعف النظام العربي الرسمي، الذي يقف في كل مرة عاجزا عن الحراك وعمل ما يتوجب عمله لأجل نصرة أهل فلسطين الصامدين، وتحرير الأرض العربية المغتصبة.
ستشكل قيادة الوكالة اليهودية أول حكومة صهيونية على أرض فلسطين وسيكون زعيمها دافيد بن غوريون الذي كان يشرف مباشرة على تسيير عصابات منظمة " الهاغانا " أول رئيس وزراء للكيان الصهيوني، في حين ستتحول منظمة "إركون" إلى حزب سياسي تحت اسم حزب " الحرية " تحت زعامة الصهيوني " مناحيم بيغن" ، الذي سيتحول اسمه في بداية السبعينيات من القرن الماضي إلى حزب " الليكود " وفي سنة 1977 سيفوز " الليكود " ويكون " مناحيم بيغين " رئيسا للوزراء.
سيغدو حزب الليكود أحد أهم الأحزاب السياسة التي ستستفيد من الحرب الهمجية الذي أعلنها الكيان الصهيوني على قطاع غزة منذ 27 دجنبر 2008، إذ أعلنت استطلاعات رأي الناخبين الصهاينة انه يتقدم باقي الأحزاب الصهيونية الأخرى ب 29 مقعدا، لتكون دماء أهلنا في غزة وقود الحملات الانتخابات للصهاينة .
هذه إذن قصة الإرهاب الصهيوني على أرض فلسطين السليبة، قصة ملؤها القتل والدماء، لنعرف جميعا أن ما أخذ بالقوة والغصب لن يرجع بالانهزام والانبطاح للكيان الصهيوني تحت مسمى " مفاوضات السلام"، بل بالمقاومة والجهاد وحده تسترد الحقوق المغتصبة، وأن من يراهن على السلام مع الكيان الصهيوني يراهن على الوهم والسراب.
ملحوظة: لقد اعتمدت في هذه الدراسة على مجموعة من الدراسات الموجودة بموقع موسوعة "ويكيبديا" حول الإرهاب الصهيوني وهي باللغة الفرنسية إضافة إلى مصادر أخرى.